العمل الخيري واجب، وليس منّة

كتب جمال فياض
 
عندما بادر الفنان رامي عيّاش لتأسيس جمعية”عيّاش الطفولة” إعتقد البعض أنها كانت مجرّد قنبلة إعلامية مغلّفة بالعمل الإنساني ليحقق الفنان الشاب المزيد من الشهرة. يومها أعلن رامي أنه بصدد تعليم ومساعدة الأطفال والأولاد للحصول على العلم والمساعدة في تنشئتهم بإمكانيات قد لا يكون باستطاعة أهاليهم أو من يربي الأيتام منهم القيام بها. أغلب الذين سمعوا بالخبر، قالوا في سرّهم، سيبدأ المشروع اليوم، وينتهي بعد أسبوع، أو شهر أو سنة. لكن الموضوع لم يتوقّف، وما زال منذ سنوات يتقدّم ويستمر ويتوسّع. والأهم، أن رامي صار نادراً ما يتحدّث عنه في الإعلام، بل هو يساعد ويجتهد وزوجته للتحسين بكثير من الصمت. في مكان آخر، هناك من ينزعج تماماً من الحديث عن أي نشاط إنساني يقوم به. بل هو يطلب وبإلحاح ألا يذكر أحد ممن عرفوا ماذا يفعل، أي شيء من هذه الأفعال. هي أفعال إنسانية كبيرة، ومهمة جداً، يقوم بها صادق أنور الصبّاح، إبن الوزير والنائب السابق المهندس أنور الصباح، صاحب الأيادي البيضاء عندما كان نائباً عن النبطيه ووزيراً في حكومات ما قبل الحرب اللبنانية المشؤومة. وهو أيضاً إبن سيدة، تشهد النبطيه من أولها لآخرها، بأفعال والدها المرحوم نجيب نصّار ومشاريعه وتقديماته الخيرية التي ما زالت مستمرة بعد وفاته، الحاج نجيب نصّار المغترب الثري الذي حقق ثروته من الإغتراب الطويل الى بلاد أفريقيا، وهو الذي عندما عاد، صرف أغلب ما جناه في الأعمال الخيرية، والتبرعات التي تخطّت الملايين، ومنها عقارات ثمينة وباهظة الثمن، قدمها للمصلحة العامة، في مدينته النبطيه والقرى المجاورة.
منذ أيام قدّمت شركة “صبّاح أخوان” بمساعدة جمعيات نسائية حملة خيرية ومساعدات، رفض صادق الصبّاح أن يأتي أحد على ذكرها. واعتبرها مجرّد تقدمة بسيطة، لا تستحق الذكر. لكن الأمور لا تقتصر لدى الحاج صادق عند مثل هذا، لقد تخطّت الأخبار العابرة، وأصبحت تقديمات تستحق الحديث عنها، ليس للدعاية، لكن للتحفيز. تحفيز الآخرين على المشاركة في إنقاذ مجتمعنا من الأزمة الكبيرة التي سقط فيها. لسنا هنا للحديث لا عن الأسباب ولا عن الظروف، ولا عن المسؤول والمسؤولين. فقط نحن هنا نريد أن تصبح قضية العمل الخيري واجباً وطنياً وإنسانياً ورسالة، يشارك فيها كل مقتدر. يقول صادق الصبّاح، أن ما يُبطل عمل الخير، الحديث عنه، أو المنّة التي لا يحبها الله، ولا رسله. وهو على حق، لكن بالمقابل الإختباء خلف هذه العبارة، تجعل الخيّرين والمتقاعسين سواء أمام الناس. صحيح أن الله يرى، لكن فليعلم الناس أيضاً أن رجلاً هنا، وآخر هناك، يتسابقون لتقديم كل ما يمكنهم تقديمه، كمساهمة بإنقاذ وطن وشعب، هو رغم كل شيء، شعب واحد، ووطن واحد.
أدعو المنتج صادق الصبّاح، والفنان رامي عيّاش ومعهما السيّدة ماجدة الرومي التي تعدّ لإطلاق جمعيتها الخيرية، أن يوجّهوا الدعوة لكل من يستطيع للإنضمام إليهم، وفي وحدتهم قوّة كبيرة وجبارة، للمساهمة بشكل فعّال في تقديم ما عجزت عنه الحكومة، بل الحكومات ، وما عجز عنه من يدير هذه الدولة. ولتكن مؤسساتهم الإنسانية متنوّعة المهمات، من تعليمية، الى إستشفائية الى تربوية الى غذائية. ومنها ننطلق لإنقاذ وطن وشعب، يكاد يندثر ضحية الإهمال والفوضى.
لقد أثبت اللبنانيون، أنهم في الأعمال الإنسانية والمجتمعية، أنشط من دولتهم وحكوماتهم المتتالية. وأثبت الزمن، أن الكفاءات التي لم تتسلّم هذه الدولة، نجحت في أعمالها ومشاريعها أكثر من الذين أمسكوا بالإدارة، فلا نجحوا ولا أنجزوا… توحدوا، فيد الله مع الجماعة، فكيف إذا كانت هذه الأيدي لعمل الخير؟
والآية الكريمة تقول:
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
سورة البقرة (274).